يعيش سوق الهواتف الذكية الآن حالة تنافسية شديدة تُسيطر فيها شركتان، هما سامسونج وآبل، على حوالي 40% من السوق وفقًا لدراسة أخيرة نشرتها غارتنر، ولو تحدثنا عن أنظمة التشغيل، يُسيطر نظامان فقط هما أندرويد و iOS على أكثر من 98% من السوق.
هذه الإحصائيات تُعطينا صورة عن مشهد التنافس الشرس في هذا السوق الذي بات سوقًا حصريًا للعمالقة على ما يبدو. في هذا السوق، تجد حتى الأسماء الكبيرة على غرار سوني واتش تي سي وبلاك بيري تُعاني من خسائر كبيرة ومتزايدة عامًا بعد عام.
كل هذا يعني أن النجاح في هذا السوق بات أمرًا بالغ التعقيد، لا يكفي أن تصنع أجمل هاتف، أقوى هاتف، أو حتى أفضل هاتف كي تضمن مكانك في السوق. لقد أصبح النجاح يتطلب تخطيطًا (عبقريًا) يجمع ما بين المواصفات، التصميم، التسويق، التطوير، وغير ذلك كي تتمكن الشركة من النجاح.
من كان ليتخيّل بأن تتفوق شركات صينية لم يسمع بها أحد قبل بضعة أعوام على شركة يابانية عمرها أكثر من سبعين عامًا؟ ما هو السر الذي اكتشفته بضعة شركات ناجحة سيطرت على السوق، ولم تكتشفه الشركات الأخرى التي لا تنقصها الخبرة بكل تأكيد؟
سنحاول الإجابة على هذا السؤال من خلال دراستنا لنماذج تمثل تجربة ثلاث شركات ناجحة وذكية، في سوق الهواتف الذكية!
OnePlus
ما الذي يحدث؟ كيف تمكنت شركة صينية عمرها ثلاث سنوات من رسم هذا الطابور في هذا السوق التنافسي الذي لم يرحم أقدم وأعرق الشركات؟ تستحق ون بلس مكانها في هذه القائمة كواحدة من أذكى الشركات في سوق الهواتف الذكية. اتّبعت الشركة مزيجًا ذكيًا من التسويق (والتشويق) والمواصفات والأسعار.
سوقت الشركة لهاتفها الأول قبل إطلاقه بشهور، وسرّبت لوسائل الإعلام الأخبار عن وجود شركة صينية لم يسمع بها أحد، تعتزم إطلاق هواتف بنفس مواصفات هواتف “جالكسي” وما شابهها، ولكن بنصف السعر! قد لا يبدو هذا كلامًا مُثيرًا للاهتمام بشكل كبير لو نظرت إليه الآن بعيون العام 2016، لكنه كذلك لو نظرت إليه بعيون العام 2013 عندما لم تكن موجة هذا النوع من الهواتف قد اجتاحت العالم بعد.
الفكرة أثارت اهتمام الكثيرين، وانتظر الجميع بشوق هذا الهاتف الذي سيعطيهم ميزات الجالكسي اس 4 أو 5 بنصف السعر. وفي الحقيقة لم يخيّب الهاتف الآمال لدى طرحه، وقد نجح توفيره بكميات محدودة ووفق نظام الدعوات إلى خلق المزيد من التشويق والاهتمام حتى تحول الهاتف إلى ما يشبه الأيقونة التي يريد الجميع الحصول عليها ويتحدث الجميع عنها، وساهم في ذلك بعض الحملات الإعلانية والمسابقات الغريبة والمثيرة للجدل التي طرحتها الشركة لاحقًا وتناولتها المواقع الإخبارية بكثافة.
بغض النظر عن الآراء المختلفة حول هواتف الشركة بحد ذاتها، لكن استراتيجيتها كانت ذكية جدًا بشكلٍ عام، ووجدت ون بلس لنفسها موطئ قدم ثابت بسرعةٍ عجيبة.
Xiaomi
تأسست شاومي في 2010، وفي 2015 وصلت عائداتها إلى 20 مليار دولار أمريكي! وهي تحتل الآن المركز الخامس عالميًا في سوق الهواتف الذكية بأكثر من 15 مليون هاتف تم شحنه خلال الربع الأول من العام الحالي. وفي 2014 أصبحت شاومي الشركة الناشئة الأعلى قيمةً في العالم بعد أن حصلت على تمويل بقيمة 1.1 مليار دولار رفع قيمة الشركة إلى 46 مليار.
اتّبعت شاومي سياسة رفع مواصفات وجودة الهاتف وتخفيض السعر بأقصى شكل ممكن، وكانت من الشركات التي ابتكرت سوق ما يعرف بهواتف أعلى الفئة المتوسّطة. حيث وجدت الشركة أن المستهلك يمكن أن يُضحي ببعض المواصفات لو حصل على مواصفات جيدة جدًا (حتى لو لم تكن الأفضل) مقابل سعر أقل بكثير من أسعار الهواتف الرائدة.
ركزت الشركة على المواصفات التي يحبها المستخدم، كالتصميم الجذاب والنحيف، بما في ذلك الهواتف المعدنية، والمواصفات العالية، كما قدمت واجهاتها الخاصة MIUI التي طرحتها بشكل روم يمكن تثبيتها على الأجهزة الأخرى وهو ما ساعد على تطوّر الواجهات البرمجية وميزاتها بشكل كبير، وأصبحت ترى مستخدمين لهواتف سامسونج وسوني وغيرها يقومون بتثبيت التجربة البرمجية الخاصة بشاومي على هواتفهم لتقديمها واجهات جميلة وميزات لا تجدها في الرومات الأخرى.
التركيز على الناحية البرمجية بشكل كبير وتقديم ما يريده المستخدم فعلًا من ميزات وإمكانية تخصيص، وصناعة هواتف ذات جودة عالية بأسعار رخيصة، كان استراتيجية ذكية جدًا من شياومه تحصد الشركة نتائجها الآن.
Samsung
لا تستغرب وجود سامسونج العملاقة هنا مع الشركات الصينية المكافحة في هذه القائمة. هذه القائمة ليست للشركات الصينية الجديدة على أية حال بل للشركات الذكية سواء كانت كبيرة أم صغيرة. اختيارنا لسامسونج هنا هو لأنها الشركة التي تحتل الترتيب الأول في سوق الهواتف الذكية، وبالتالي فهي من أذكى الشركات التي عرفت كيف يمكن أن تسيطر على هذا السوق الصعب والهائل.
لو سألت الكثير من المستخدمين عن سبب تفوق سامسونج، لكان جوابهم الوحيد هو الإنفاق الهائل على التسويق. هذا صحيح لكنه سبب واحد من الأسباب، لأن سامسونج ليست مجرد تسويق بل هي ذكية لأنها عرفت كيف تصل إلى المستخدم عبر مزيج من الوسائل المتعددة.
لو كنت ضدي في هذا الرأي دعني أسألك هذا السؤال: لماذا كان الجميع يستخدم هواتف سامسونج عندما كانت بلاستيكية ذات ملمس رخيص وبشعة؟ لماذا كان الجميع يستخدم سامسونج عندما كانت واجهات TouchWiz أبشع واجهة عرفها التاريخ؟
السبب الأول هو أن سامسونج كانت تعرف ما يريده المستخدم وكيف تخاطب وتصل إلى المستخدم البسيط العادي، المستخدم الذي لا يقرأ هذا الموقع ولا يعرف بوجوده حتى. صحيح أن الواجهات كانت بشعة فيما مضى من حيث التصميم وتناسق الألوان لكنها كانت عملية تقدم للمستخدم ما يريده حيث كانت سامسونج من أول من طرح أفكارًا مثل (الإعدادات السريعة) في أندرويد، وقدمت تطبيق كاميرا مميز، وحشدت عشرات الميزات البرمجية التي ربما كانت (صرعات) أكثر منها ميزات ضرورية، أتفق معك في هذا، لكن المستخدم العادي يُحب أن يطمئن لحصوله على أكبر قدر ممكن من الميزات مقابل الأموال التي يدفعها.
وهذه كانت لعبة سامسونج الذكية التي مزجتها مع التسويق الذكي، ومع تطورها التقني الكبير الذي سمح لها بالتميز في عدد من الأشياء مثل شاشة Super AMOLED ذات الألوان فائقة الإشباع التي ربما لا تحبها أنت، لكن أحبها المستخدم العادي البسيط ووجدها جذابة ومميزة عن غيرها!
الخلاصة
هذه أمثلة بارزة على بعض الشركات الذكية، بالتأكيد هناك شركات أخرى أجادت اللعبة بأسلوبها الخاص، وفي المحصّلة فإن النجاح في هذا السوق هو مجموعة من العوامل التي يجب على الشركة إجادة اللعب بها كي لا تجد نفسها خارج السوق بلمحِ البصر.
المصدر: أردرويد أذكى 3 شركات في عالم الهواتف الذكية!